بنكيران يتهم أخنوش بالوقوف شخصيا وراء إعفائه من رئاسة الحكومة سنة 2017 من خلال "التخطيط" و"التنفيذ".. ويعتبر تهربه من تقديم حصيلته بمبرر مباراة كروية إساءة لمؤسسة رئاسة الحكومة
وجّه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران أصبع الاتهام بشكل صريح لعزيز أخنوش، بوصفه مخطط ومنفّذ حالة "البلوكاج" التي منعت إخراج تشكيلة الحكومة الثانية للاسلاميين وأدت إلى العصف ببنكيران بقرار ملكي خارج دائرة تشكيل الحكومة، مؤكدا أن رئيس أخنوش مازال يُواصل "تجاوزاته حد الإساءة لمؤسسة رئاسة الحكومة والاستهتار والتهرب من قلب المؤسسة التشريعية بأحقية المواطنين في الاطلاع على حصيلته".
وعاد بنكيران، بذاكرة الحاضرين للندوة الصحفية التي عقدها حزبه اليوم السبت، بغرض تصحيح ما وصفها بـ "مغالطات" رئيس الحكومة إثر مناقشة الحصيلة المرحلية، (عاد بهم) إلى سنة 2017، عندما صدر بلاغ عن الديوان الملكي يعفيه من مهمة تشكيلة الحكومة، تحت مبرر تعثر إخراجها إلى حيز الوجود بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية التي بوأت الحزب المرتبة الأولى في مجلس النواب، ليلقي بحمل المسؤولية كاملة على رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش.
ويبدو أن رئيس الحكومة السابق، لم يهضم الكثير من تفاصيل تلك المرحلة، إذ أصر على تذكير رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، بأن حزب العدالة والتنمية لا يُكن أي عداء له، وإن كان هو من بادر بالسوء، ومن ذلك ما وقع خلال "البلوكاج" الشهير وما تلاه.
وكشف عبد الإله بنكيران، أمام الحاضرين في الندوة الصحافية لأول مرة وبشكل صريح، بأن عزيز أخنوش هو من خطط "للبلوكاج" الذي واجهه خلال مهمة تشكل الحكومة الثانية للاسلاميين، وذلك "بشكل أو بآخر كما أنه هو شخصيا من قام بتنفيذه." وفق الأمين العام لـ "البيجيدي"، الذي لم يُفصح عن تفاصيل أكثر.
وفي هذا الإطار، قال بنكيران إن حزبه وعلى الرغم من كل شيء "جاء بنفس جديد للتعامل مع عزيز أخنوش، وعبر عن أمله في أن ينجح، وأن يقوم بأشياء لصالح البلاد، لأن في ذلك نجاح للمغرب". يقول الأمين العام للعدالة والتنمية، مستدركا: "لكن تَبين أنه يحاول حل كل المشاكل عبر دفتر الشيكات، سواء منها الشخصية أو من المال العام أو من جهات أخرى."
وشدد الأمين العام أن رئيس الحكومة لم يفهم أن القضية هي قضية سياسة وليست قضية عطاء مالي، منتقدا في هذا الصدد عدم حديثه مع المواطنين بوضوح وصراحة، ومن ذلك وعده بتوفير مدخول كرامة لمن تجاوز 65 سنة، مؤكدا أنه كان يجب أن يعتذر للمواطنين عن عدم وفائه بهذا الوعد أو على الأقل أن يصارحهم بحقيقة الوضع.
وأردف بنكيران مخاطبا رئيس الحكومة عزيز أخنوش: "اقرأ التاريخ، وستعرف أن التاريخ يعطي أهمية كبيرة لمن يتصرف بالعدل والصدق والصراحة والإيثار، وليس لمن يعطي المال".
واستنكر الأمين العام لـ "البيجيدي" أيضا، محاولات عزيز أخنوش من موقعه كرئيس للحكومة لأن ينسى المجتمع مرحلة حكومة العدالة والتنمية الأولى التي قادها، معتبرا أنه "يضيع وقته في ذلك، لأن المجتمع لن ينسى تلك المرحلة، بصرف النظر عن انطباعه عنها."
هذا، وشدّد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على أن رئيس الحكومة لم يجد أي شيء خاطئ في المعطيات التي تقدم بها الحزب في ندوته الصحفية الأولى حول الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، ما دفعه إلى الهروب عن طريق تأجيل عرض الحصيلة الحكومية إلى موعد لاحق بسبب مباراة.
ونبّه رئيس الحكومة السابق، إلى أن هذا التأجيل لم يرضيهم، لأنه يبين "هشاشة" رئيس حكومتنا، مضيفا: "كما أنه في جلسة مناقشة الحصيلة المرحلية بمجلس النواب، صرح بأنه سيختصر كلمته لأجل تمكين المواطنين من متابعة مقابلة لكرة قدم.. هذا لم يعجبنا، ويعطي صورة سلبية عن مؤسسة رئاسة الحكومة".
وأكد الأمين العام للحزب، أن المغرب بشكل عام دولة جيدة ومستقرة، لكن المجتمع لا يشعر بالارتياح، نظرا لوجود جهات ترفض الراحة النفسية للشعب المغربي، لكي تبقى لها مبررات للضغط، و هذا الوضع مقلق.
وكان عبد الإله بنكيران، الذي شغل منصب أول رئيس حكومة في المغرب منذ التعديلات الدستورية التي تلت احتجاجات حركة 20 فبراير عام 2011، وأعقبها إجراء انتخابات تشريعية مبكرة وتشكيل حكومة ائتلافية، قد أجرى مشاورات وقتها، مع مختلف الأحزاب الممثلة في مجلس النواب، باستثناء غريمه حزب الأصالة والمعاصرة، إلا أن تلك المشاورات لم تفض إلى أي نتيجة.
وواجه عبد الإله بنكيران، صعوبات في مفاوضاته مع حزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة عزيز أخنوش الذي كان يشغل منصب وزير الفلاحة في حكومة بنكيران الأولى، واشترط أخنوش على بنكيران إقصاء حزب الاستقلال من الحكومة من جهة وضم ثلاثة أحزاب أخرى صغيرة متحالفة معه هي حزب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، غير أن بنكيران الذي تنازل مكرها عن ضم حزب الاستقلال لم يقبل بشروط الزعيم التجمعي حينها واعتبرها استفزازا لموقعه، وتحديا لصلاحياته كرئيس للحكومة، فيما ظلت المفاوضات بين الجانبين معلقة من يناير وحتى مارس في انتظار عودة الملك محمد السادس الذي كان في جولة بدول افريقيا دامت 10 أسابيع.
وأمام تعثر مفاوضات تشكيل الحكومة الثانية للإسلاميين في خمسة أشهر، صدر بلاغ عن الديوان الملكي يعفي بنكيران من مهمة تشكيل وقيادة الحكومة، كما عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعا لبحث تداعيات قرار الاعفاء، وقررت تعويضه بسعد الدين العثماني وقتها، الذي نجح في تشكيل الحكومة ورئاستها، وهو ما انعكس من جهة ثانية على الوضع الداخلي للعدالة والتنمية الذي شهدت تصدعات وانقسامات متتالية من وقتها وماتزال تداعياتها مستمرة حتى الان، إذ انعكست على نتائج الحزب في الانتخابات الاخيرة.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :